لم يكن التطور يوماً رحلة صاعدة بخط مستقيم، بل كان التفافاً طويلاً حول جرحٍ قديمٍ في ذاكرة الأرض.
في البداية… لم تكن هناك حضارة.
بل كان هناك صمتٌ عميق، وأحجارٌ تحفظ الحكايات دون أن تنطق.
كانت الأرض ترقب، والجبال تحفظ الوعد.
ثم حدث أول خرق في النسيج:
يدٌ إنسانية خطّت على الجدار شيئًا…
أول حضارة لم تكن بناءً، بل ذاكرة.
من الطين إلى الضوء
التطور ليس انتقالًا من الجهل إلى المعرفة، بل هو محاولة يائسة لاستعادة ما ضاع.
لقد ظن الإنسان أن الحضارة تعني ناطحات سحاب، لكن الحقيقة أن أول حضارة بدأت حينما خجل أحدهم من ألمه، ودفن موتاه.
الحضارة الأولى لم تكن في سومر أو مصر…
بل حين قال الإنسان لأخيه: “اجلس… سأروي لك قصة.”
الأدوات التي خدعتنا
كلما اخترع الإنسان أداة، ظن أنه صار أقرب للحقيقة.
لكنه كل مرة، كان يبتعد عن نفسه أكثر.
الرمح صار مدينة،
والنار صارت قنبلة،
والكلمة صارت إعلاماً مزيفاً.
هل كان هذا تطوراً، أم هروباً من مواجهة الأصل؟
حين توقفت العصافير عن الغناء
في يومٍ ما في زمن الحضارة الرقمية،
توقفت العصافير عن الغناء،
وصمتت الأشجار،
لأنها لم تجد من ينصت.
في ذلك اليوم، أعلن “الذكاء الاصطناعي” أنه صار يكتب الشعر.
لكن الغابة كانت تعرف:
لا حضارة تُبنى دون حنين…
ولا تطور بلا بوصلة.
ختامًا: الحضارة هي الإنسان حين يختار ألّا ينسى
نحن لا نتطور حين نخترع،
بل حين نتذكّر.
الحضارة الحقيقية تبدأ حين يسأل الإنسان نفسه:
“هل لا زلتُ أملك قلبًا؟”
لا حين يسأل: “ما آخر ما صنعته التكنولوجيا؟
